نص المتن :
(وَقَوْلُهُ:وَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ [المنافقون: 8] ، وَقَوْلُهُ عَنْ إِبْلِيسَ : فَبِعِزَّتِكَ لَأُغۡوِيَنَّهُمۡ أَجۡمَعِينَ ٨٢ [ص: 82]
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: ( وَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ )؛ فَقَدْ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ ابْنِ سَلُولَ رَئِيسِ الْمُنَافِقِينَ، وَكَانَ فِي بَعْضِ الْغَزَوَاتِ قَدْ أَقْسَمَ لَيُخْرِجَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r هُوَ وَأَصْحَابَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعۡنَآ إِلَى ٱلۡمَدِينَةِ لَيُخۡرِجَنَّ ٱلۡأَعَزُّ مِنۡهَا ٱلۡأَذَلَّۚ [المنافقون: 8] ؛ يَقْصِدُ بِالْأَعَزِّ قَبَّحَهُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَأَصْحَابَهُ، وَيَقْصِدُ بِالْأَذَلِّ رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَرَدَّ اللَّهُ U عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ:وَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَعۡلَمُونَ ٨ [المنافقون: 8].
وَالْعِزَّةُ صِفَةٌ أَثْبَتَهَا اللَّهُ U لِنَفْسِهِ؛ قَالَ تَعَالَى: وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ٤ [إبراهيم: 4] .
وَقَالَ: وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزٗا ٢٥.
وَأَقْسَمَ بِهَا سُبْحَانَهُ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ: { وَعِزَّتِي وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي؛ لَأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ }. وَأَخْبَرَ عَنْ إِبْلِيسَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغۡوِيَنَّهُمۡ أَجۡمَعِينَ ٨٢ إِلَّا عِبَادَكَ مِنۡهُمُ ٱلۡمُخۡلَصِينَ ٨٣ [ص: 82-83]
وَفِي (صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ) وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: { بَيْنَمَا أَيُّوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا خَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ يَحْثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ قَالَ: بَلَى؛ وَعِزَّتِكَ، وَلَكِنْ لَا غِنَى لِي عَنْ بَرَكَتِكَ } .
وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ الَّذِي عَلَّمَهُ النَّبِيُّ r لِمَنْ كَانَ بِهِ وَجَعٌ: { أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ } .
وَالْعِزَّةُ تَأْتِي بِمَعْنَى الْغَلَبَةِ وَالْقَهْرِ؛ مِنْ عَزَّ يَعُزُّ بِضَمِّ الْعَيْنِ فِي الْمُضَارِعِ يُقَالُ: عَزَّهُ؛ إِذَا غَلَبَهُ.
وَتَأْتِي بِمَعْنَى الْقُوَّةِ وَالصَّلَابَةِ؛ مِنْ عَزَّ يَعَزُّ بِفَتْحِهَا، وَمِنْهُ أَرْضٌ عَزَازٌ؛ لِلصَّلْبَةِ الشَّدِيدَةِ.
وَتَأْتِي بِمَعْنَى عُلُوِّ الْقَدْرِ وَالِامْتِنَاعِ عَنِ الْأَعْدَاءِ؛ مِنْ: عَزَّ يَعِزُّ – بِكَسْرِهَا – وَهَذِهِ الْمَعَانِي كُلُّهَا ثَابِتَةٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
ظهر الثلاثاء 16 شوال 1443هـ