ليلة الثلاثاء 11 رجب 1442 هجرية
نص المتن :
وَعَلَى الْقَوْلِ بِالِاشْتِقَاقِ يَكُونُ وَصْفًا فِي الْأَصْلِ، وَلَكِنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ الْعَلَمِيَّةُ، فَتَجْرِي عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْأَسْمَاءِ أَخْبَارًا وَأَوْصَافًا، يُقَالُ: اللَّهُ رَحْمَنٌ رَحِيمٌ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، كَمَا يُقَالُ: اللَّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ.. إِلَخْ.
وَ (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ): اسْمَانِ كَرِيمَانِ مِنْ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، دَالَّانِ عَلَى اتِّصَافِهِ تَعَالَى بِصِفَةِ الرَّحْمَةِ، وَهِيَ صِفَةٌ حَقِيقِيَّةٌ لَهُ سُبْحَانَهُ، عَلَى مَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ، وَلَا يَجُوزُ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا لَازِمُهَا، كَإِرَادَةِ الْإِحْسَانِ وَنَحْوِهِ، كَمَا يَزْعُمُ الْمُعَطِّلَةُ، وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَيَانٍ لِذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَاخْتُلِفَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا: فَقِيلَ: الْمُرَادُ بِـ (الرَّحْمَنِ) الَّذِي وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الدُّنْيَا؛ لِأَنَّ صِيغَةَ (فَعْلَانَ) تَدُلُّ عَلَى الِامْتِلَاءِ وَالْكَثْرَةِ، وَ (الرَّحِيمِ) الَّذِي يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْآخِرَةِ، وَقِيلَ الْعَكْسُ.
وَقَدْ ذَهَبَ العَلَّامَةُ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ إِلَى أَنَّ (الرَّحْمَنِ) دَالٌّ عَلَى الصِّفَةِ الْقَائِمَةِ بِالذَّاتِ، وَ (الرَّحِيمِ) دَالٌّ عَلَى تَعَلُّقِهَا بِالْمَرْحُومِ، وَلِهَذَا لَمْ يَجِئْ الِاسْمُ الرَّحْمَنُ مُتَعَدِّيًا فِي الْقُرْآنِ، قَالَ تَعَالَى: { وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًۭا } ([1])، وَلَمْ يَقُلْ: رَحْمَانًا.
وَهَذَا أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا.