ليلة الأحد 23 رجب 1442 هجرية
نص المتن :
تفسير الحمد والمدح والفرق بينهما
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا.
(الْحَمْدُ لِلَّهِ): رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ r أَنَّهُ قَالَ: { كُلُّ كَلَامٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيَّ فَهُوَ أَقْطَعُ، أَبْتَرُ، مَمْحُوقُ الْبَرَكَةِ } ([1]) ([2])
وَوَرَدَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْبَسْمَلَةِ.
وَلِهَذَا جَمَعَ الْمُؤَلِّفُ بَيْنَهُمَا عَمَلًا بِالرِّوَايَتَيْنِ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا؛ فَإِنَّ الِابْتِدَاءَ قِسْمَانِ: حَقِيقِيٌّ وَإِضَافِيٌّ، وَالْحَمْدُ ضِدُّ الذَّمِّ، يُقَالُ: حَمِدْتُ الرَّجُلَ أَحْمَدُهُ حَمْدًا وَمَحْمَدًا وَمَحْمَدَةً، فَهُوَ مَحْمُودٌ وَحَمِيدٌ.
وَيُقَالُ: حَمَّدَ اللَّهَ بِالتَّشْدِيدِ: أَثْنَى عَلَيْهِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْأُخْرَى، وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ.
وَالْحَمْدُ: هُوَ الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ عَلَى الْجَمِيلِ الِاخْتِيَارِيِّ، نِعْمَةً كَانَ أَوْ غَيْرَهَا، يُقَالُ: حَمِدْتُ الرَّجُلَ عَلَى إِنْعَامِهِ، وَحَمِدْتُهُ عَلَى شَجَاعَتِهِ.
وَأَمَّا الشُّكْرُ فَعَلَى النِّعْمَةِ خَاصَّةً، وَيَكُونُ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالْجَوَارِحِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
أَفَادَتْكُمُ النَّعْمَاءُ مِنِّي ثَلَاثَةً |
يَدِي وَلِسَانِي وَالضَّمِيرَ الْمُحَجَّبَا |
وَعَلَى هَذَا فَبَيْنَ الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ، يَجْتَمِعَانِ فِي الثَّنَاءِ بِاللِّسَانِ عَلَى النِّعْمَةِ، وَيَنْفَرِدُ الْحَمْدُ فِي الثَّنَاءِ بِاللِّسَانِ عَلَى مَا لَيْسَ بِنِعْمَةٍ مِنَ الْجَمِيلِ الِاخْتِيَارِيِّ، وَيَنْفَرِدُ الشُّكْرُ بِالثَّنَاءِ بِالْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ عَلَى خُصُوصِ النِّعْمَةِ. فَالْحَمْدُ أَعَمُّ مُتَعَلَّقًا، وَأَخَصُّ آلَةً، وَالشُّكْرُ بِالْعَكْسِ.
([1]) أبو داود الأدب (4840) ، ابن ماجه النكاح (1894).
([2]) عزاه الحافظ السخاوي في ” القول البديع من الصلاة على الحبيب الشفيع ” ، إلى فوائد ابن عمرو بن منده بلفظ: ” كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بذكر الله ثم الصلاة علي فهو أقطع ممحوق من كل بركة ، ” ثم قال السخاوي: والحديث مشهور لكن بغير هذا اللفظ ” وذكر أنه صحيح. اهـ إسماعيل الأنصاري.