الدروس العلمية شرح العقيدة الواسطية للهراس [1442 هـ] شروح العقيدة

الدرس الثالث والعشرون من شرح العقيدة الواسطية للهراس



duroos icon

نص المتن :

وَقَوْلُهُ: (وَمِنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ.. إلخ): هَذَا شُرُوعٌ فِي التَّفْصِيلِ بَعْدَ الْإِجْمَالِ، وَ (مِنْ) هُنَا لِلتَّبْعِيضِ، وَالْمَعْنَى: وَمِنْ جُمْلَةِ إِيمَانِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ بِالْأَصْلِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ الْأُصُولِ وَأَسَاسُهَا، وَهُوَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ: أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ.. إلخ.

وَقَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالْإِيمَانِ قَبْلَهُ؛ يَعْنِي أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِالصِّفَاتِ الْإِلَهِيَّةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْخَالِي مِنْ كُلِّ هَذِهِ الْمَعَانِي الْبَاطِلَةِ، إِثْبَاتًا بِلَا تَمْثِيلٍ، وَتَنْزِيهًا بِلَا تَعْطِيلٍ.

وَالتَّحْرِيفُ فِي الْأَصْلِ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: حَرَّفْتُ الشَّيْءَ عَنْ وَجْهِهِ حَرْفًا، مِنْ بَابِ ضَرَبَ؛ إِذَا أَمَلْتَهُ وَغَيَّرْتَهُ، وَالتَّشْدِيدُ لِلْمُبَالَغَةِ.

وَتَحْرِيفُ الْكَلَامِ: إِمَالَتُهُ عَنِ الْمَعْنَى الْمُتَبَادِرِ مِنْهُ إِلَى مَعْنًى آخَرَ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ إِلَّا بِاحْتِمَالٍ مَرْجُوحٍ، فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قَرِينَةٍ تُبَيِّنُ أَنَّهُ الْمُرَادُ.

وَأَمَّا التَّعْطِيلُ؛ فَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْعَطَلِ، الَّذِي هُوَ الْخُلُوُّ وَالْفَرَاغُ وَالتَّرْكُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَبِئۡرٖ مُّعَطَّلَةٖ وَقَصۡرٖ مَّشِيدٍ [الحج: 45] }، أَيْ: أَهْمَلَهَا أَهْلُهَا، وَتَرَكُوا وِرْدَهَا.

وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا نَفْيُ الصِّفَاتِ الْإِلَهِيَّةِ، وَإِنْكَارُ قِيَامِهَا بِذَاتِهِ تَعَالَى.

فَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّحْرِيفِ وَالتَّعْطِيلِ: أَنَّ التَّعْطِيلَ نَفْيٌ لِلْمَعْنَى الْحَقِّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَأَمَّا التَّحْرِيفُ؛ فَهُوَ تَفْسِيرُ النُّصُوصِ بِالْمَعَانِي الْبَاطِلَةِ الَّتِي لَا تَدُلُّ عَلَيْهَا.

وَالنِّسْبَةُ بَيْنَهُمَا الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْمُطْلَقُ، فَإِنَّ التَّعْطِيلَ أَعَمُّ مُطْلَقًا مِنَ التَّحْرِيفِ؛ بِمَعْنَى أَنَّهُ كُلَّمَا وُجِدَ التَّحْرِيفُ وُجِدَ التَّعْطِيلُ دُونَ الْعَكْسِ، وَبِذَلِكَ يُوجَدَانِ مَعًا فِيمَنْ أَثْبَتَ الْمَعْنَى الْبَاطِلَ وَنَفَى الْمَعْنَى الْحَقَّ، وَيُوجَدُ التَّعْطِيلُ بِدُونِ التَّحْرِيفِ فِيمَنْ نَفَى الصِّفَاتِ الْوَارِدَةَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَزَعَمَ أَنَّ ظَاهِرَهَا غَيْرُ مُرَادِهَا، وَلَكِنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ لَهَا مَعْنًى آخَرَ، وَهُوَ مَا يُسَمُّونَهُ بِالتَّفْوِيضِ.

حفظ   

WordPress Themes