نص المتن :
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي إِعْرَابِ: (( لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ )) [سورة الشورى آية: 11.] عَلَى وُجُوهٍ، أَصَحُّهَا: أَنَّ الْكَافَ صِلَةٌ زِيدَتْ لِلتَّأْكِيدِ، كَمَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
لَيْسَ كَمِثْلِ الْفَتَى زُهَيْرٍ |
خَلْقٌ يُوَازِيهِ فِي الْفَضَائِلِ |
تفسير الإلحاد في الصفات وأنواعه
فلَا يَنْفُونَ عَنْهُ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَلَا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَلَا يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ، وَلَا يُكَيِّفُونَ وَلَا يُمَثِّلُونَ صِفَاتِهِ بِصِفَاتِ خَلْقِهِ.
وَقَوْلُهُ: (فلَا يَنْفُونَ عَنْهُ.. إلخ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ؛ فَإِنَّهُمْ إِذَا كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ؛ فَلَا يَنْفُونَ وَلَا يُحَرِّفُونَ، وَلَا يُكَيِّفُونَ وَلَا يُمَثِّلُونَ.
وَالْمَوَاضِعُ: جَمْعُ مَوْضِعٍ، وَالْمُرَادُ بِهَا الْمَعَانِي الَّتِي يَجِبُ تَنْزِيلُ الْكَلَامِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْمُتَبَادِرَةُ مِنْهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَهُمْ لَا يَعْدِلُونَ بِهِ عَنْهَا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: (وَلَا يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ) فَقَدْ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَالْإِلْحَادُ فِي أَسْمَائِهِ هُوَ الْعُدُولُ بِهَا وَبِحَقَائِقِهَا وَمَعَانِيهَا عَنِ الْحَقِّ الثَّابِتِ لَهَا؛ مَأْخُوذٌ مِنَ الْمَيْلِ؛ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَادَّةُ (ل ح د)، فَمِنْهُ اللَّحْدُ، وَهُوَ الشَّقُّ فِي جَانِبِ الْقَبْرِ، الَّذِي قَدْ مَالَ عَنِ الْوَسَطِ، وَمِنْهُ الْمُلْحِدُ فِي الدِّينِ: الْمَائِلُ عَنِ الْحَقِّ، الْمُدْخِلُ فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ). اهـ.
فَالْإِلْحَادُ فِيهَا إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِجَحْدِهَا وَإِنْكَارِهَا بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِمَّا بِجَحْدِ مَعَانِيهَا وَتَعْطِيلِهَا، وَإِمَّا بِتَحْرِيفِهَا عَنِ الصَّوَابِ وَإِخْرَاجِهَا عَنِ الْحَقِّ بِالتَّأْوِيلَاتِ الْفَاسِدَةِ، وَإِمَّا بِجَعْلِهَا أَسْمَاءً لِبَعْضِ الْمُبْتَدَعَاتِ، كَإِلْحَادِ أَهْلِ الِاتِّحَادِ.