الدروس العلمية شرح العقيدة الواسطية للهراس [1442 هـ] شروح العقيدة

الدرس الخامس والثلاثون من شرح العقيدة الواسطية للهراس



duroos icon

نص المتن :

وَلَكِنْ لَيْسَ فِي الْكِتَابِ وَلَا فِي السُّنَّةِ نَفْيٌ مَحْضٌ؛ فَإِنَّ النَّفْيَ الصِّرْفَ لَا مَدْحَ فِيهِ، وَإِنَّمَا يُرَادُ بِكُلِّ نَفْيٍ فِيهِمَا إِثْبَاتُ مَا يُضَادُّهُ مِنَ الْكَمَالِ: فَنَفْيُ الشَّرِيكِ وَالنِّدِّ؛ لِإِثْبَاتِ كَمَالِ عَظَمَتِهِ وَتَفَرُّدِهِ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ، وَنَفْيُ الْعَجْزِ؛ لِإِثْبَاتِ كَمَالِ قُدْرَتِهِ، وَنَفْيُ الْجَهْلِ؛ لِإِثْبَاتِ سَعَةِ عِلْمِهِ وَإِحَاطَتِهِ، وَنَفْيُ الظُّلْمِ؛ لِإِثْبَاتِ كَمَالِ عَدْلِهِ، وَنَفْيُ الْعَبَثِ؛ لِإِثْبَاتِ كَمَالِ حِكْمَتِهِ، وَنَفْيُ السِّنَةِ وَالنَّوْمِ وَالْمَوْتِ؛ لِإِثْبَاتِ كَمَالِ حَيَاتِهِ وَقَيُّومِيَّتِهِ.. وَهَكَذَا.

وَلِهَذَا كَانَ النَّفْيُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إِنَّمَا يَأْتِي مُجْمَلًا فِي أَكْثَرِ أَحْوَالِهِ؛ بِخِلَافِ الْإِثْبَاتِ؛ فَإِنَّ التَّفْصِيلَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنَ الْإِجْمَالِ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ.

وَأَمَّا الْإِجْمَالُ فِي الْإِثْبَاتِ؛ فَمِثْلُ إِثْبَاتِ الْكَمَالِ الْمُطْلَقِ، وَالْحَمْدِ الْمُطْلَقِ، وَالْمَجْدِ الْمُطْلَقِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﵟٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٢ ﵞ [الفاتحة: 2]، ﵟ‌وَلِلَّهِ ‌ٱلۡمَثَلُ ٱلۡأَعۡلَىٰۚ ﵞ [النحل: 60] .

وَأَمَّا التَّفْصِيلُ فِي الْإِثْبَاتِ؛ فَهُوَ مُتَنَاوِلٌ لِكُلِّ اسْمٍ أَوْ صِفَةٍ وَرَدَتْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَهُوَ مِنَ الْكَثْرَةِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ لِأَحَدٍ أَنْ يُحْصِيَهُ؛ فَإِنَّ مِنْهَا مَا اخْتَصَّ اللَّهُ U بِعِلْمِهِ؛ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: { سُبْحَانَكَ لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ }.

وَفِي حَدِيثِ دُعَاءِ الْمَكْرُوبِ: { أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ؛ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ }.

حفظ   

WordPress Themes