نص المتن :
فَالْآيَةُ الْأُولَى تَتَوَعَّدُ هَؤُلَاءِ الْمُصِرِّينَ عَلَى كُفْرِهِمْ وَعِنَادِهِمْ وَاتِّبَاعِهِمْ لِلشَّيْطَانِ بِأَنَّهُمْ مَا يَنْتَظِرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ عز وجل فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَهُمْ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: ﵟوَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُۚ ﵞ [البقرة: 210]، وَالْآيَةُ الثَّانِيَةُ أَشَدُّ صَرَاحَةً؛ إِذْ لَا يُمْكِنُ تَأْوِيلُ الْإِتْيَانِ فِيهَا بِأَنَّهُ إِتْيَانُ الْأَمْرِ أَوِ الْعَذَابِ؛ لِأَنَّهُ رَدَّدَ فِيهَا بَيْنَ إِتْيَانِ الْمَلَائِكَةِ وَإِتْيَانِ الرَّبِّ، وَإِتْيَانِ بَعْضِ آيَاتِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ.
وَقَوْلُهُ فِي الْآيَةِ الَّتِي بَعْدَهَا: ﵟوَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلۡمَلَكُ صَفّٗا صَفّٗا ٢٢ﵞ [الفجر: 22]، لَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى مَجِيءِ الْعَذَابِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مَجِيئُهُ سُبْحَانَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ، وَالْمَلَائِكَةُ صُفُوفٌ؛ إِجْلَالًا وَتَعْظِيمًا لَهُ، وَعِنْدَ مَجِيئِهِ تَنْشَقُّ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ؛ كَمَا أَفَادَتْهُ الْآيَةُ الْأَخِيرَةُ.
وَهُوَ سُبْحَانَهُ يَجِيءُ وَيَأْتِي وَيَنْزِلُ وَيَدْنُو وَهُوَ فَوْقَ عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ.
فَهَذِهِ كُلُّهَا أَفْعَالٌ لَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَدَعْوَى الْمَجَازِ تَعْطِيلٌ لَهُ عَنْ فِعْلِهِ، وَاعْتِقَادُ أَنَّ ذَلِكَ الْمَجِيءَ وَالْإِتْيَانَ مِنْ جِنْسِ مَجِيءِ الْمَخْلُوقِينَ وَإِتْيَانِهِمْ نُزُوعٌ إِلَى التَّشْبِيهِ يُفْضِي إِلَى الْإِنْكَارِ وَالتَّعْطِيلِ.
ليلة الثلاثاء 18 ربيع الآخر 1443هـ