الدروس العلمية شرح العقيدة الواسطية للهراس [1442 هـ] شروح العقيدة

الدرس الرابع والستون من شرح العقيدة الواسطية للهراس



duroos icon

نص المتن :

(وَقَوْلُهُ: ﵟوَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعۡيُنِنَاۖ ﵞ [الطور: 48] ،ﵟوَحَمَلۡنَٰهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلۡوَٰحٖ وَدُسُرٖ ١٣ تَجۡرِي بِأَعۡيُنِنَا جَزَآءٗ لِّمَن كَانَ كُفِرَ ١٤ﵞ [القمر: 13-14] ،ﵟوَأَلۡقَيۡتُ عَلَيۡكَ مَحَبَّةٗ مِّنِّي وَلِتُصۡنَعَ عَلَىٰ عَيۡنِيٓ ٣٩ﵞ [طه: 39]

قَوْلُهُ:ﵟوَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعۡيُنِنَاۖ ﵞ [الطور: 48]؛ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ يُثْبِتُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِنَفْسِهِ عَيْنًا يَرَى بِهَا جَمِيعَ الْمَرْئِيَّاتِ، وَهِيَ صِفَةٌ حَقِيقِيَّةٌ لِلَّهِ U عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ، فَلَا يَقْتَضِي إِثْبَاتُهَا كَوْنَهَا جَارِحَةً مُرَكَّبَةً مِنْ شَحْمٍ وَعَصَبٍ وَغَيْرِهِمَا.

وَتَفْسِيرُ الْمُعَطِّلَةِ لَهَا بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِالْحِفْظِ وَالرِّعَايَةِ نَفْيٌ وَتَعْطِيلٌ.

وَأَمَّا إِفْرَادُهَا فِي بَعْضِ النُّصُوصِ وَجَمْعُهَا فِي الْبَعْضِ الْآخَرِ؛ فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ عَلَى نَفْيِهَا؛ فَإِنَّ لُغَةَ الْعَرَبِ تَتَّسِعُ لِذَلِكَ، فَقَدْ يُعَبَّرُ فِيهَا عَنِ الِاثْنَيْنِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ، وَيَقُومُ فِيهَا الْوَاحِدُ مَقَامَ الِاثْنَيْنِ كَمَا قَدَّمْنَا فِي الْيَدَيْنِ.

عَلَى أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُ لَفْظِ الْعَيْنِ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرُوهَا إِلَّا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ لَهُ عَيْنٌ حَقِيقِيَّةٌ.

فَهَلْ يُرِيدُ هَؤُلَاءِ الْمُعَطِّلَةُ أَنْ يَقُولُوا: إِنَّ اللَّهَ يَتَمَدَّحُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ، فَيُثْبِتُ لِنَفْسِهِ عَيْنًا وَهُوَ عَاطِلٌ عَنْهَا؟ ! وَهَلْ يُرِيدُونَ أَنْ يَقُولُوا: إِنَّ رُؤْيَتَهُ لِلْأَشْيَاءِ لَا تَقَعُ بِصِفَةٍ خَاصَّةٍ بِهَا؛ بَلْ هُوَ يَرَاهَا بِذَاتِهِ كُلِّهَا كَمَا تَقُولُ الْمُعْتَزِلَةُ: إِنَّهُ قَادِرٌ بِذَاتِهِ، مُرِيدٌ بِذَاتِهِ.. إلخ؟ ! وَفِي الْآيَةِ الْأُولَى يَأْمُرُ اللَّهُ نَبِيَّهُ r بِالصَّبْرِ لِحُكْمِهِ، وَالِاحْتِمَالِ لِمَا يَلْقَاهُ مِنْ أَذَى قَوْمِهِ، وَيُعَلِّلُ ذَلِكَ الْأَمْرَ بِأَنَّهُ بِمَرْأًى مِنْهُ، وَفِي كِلَاءَتِهِ وَحِفْظِهِ.

وَفِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ يُخْبِرُ اللَّهُ U عَنْ نَبِيِّهِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ لَمَّا كَذَّبَهُ قَوْمُهُ، وَحَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ، وَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِالطُّوفَانِ؛ حَمَلَهُ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى سَفِينَةٍ ذَاتِ أَلْوَاحٍ عَظِيمَةٍ مِنَ الْخَشَبِ وَدُسُرٍ؛ أَيْ: مَسَامِيرَ، جَمْعُ دِسَارٍ، تُشَدُّ بِهَا الْأَلْوَاحُ، وَأَنَّهَا كَانَتْ تَجْرِي بِعَيْنِ اللَّهِ وَحِرَاسَتِهِ.

وَفِي الْآيَةِ الثَّالِثَةِ خِطَابٌ مِنَ اللَّهِ لِنَبِيِّهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَنَّهُ أَلْقَى عَلَيْهِ مَحَبَّةً مِنْهُ؛ يَعْنِي: أَحَبَّهُ هُوَ سُبْحَانَهُ وَحَبَّبَهُ إِلَى خَلْقِهِ، وَأَنَّهُ صَنَعَهُ عَلَى عَيْنِهِ، وَرَبَّاهُ تَرْبِيَةً اسْتَعَدَّ بِهَا لِلْقِيَامِ بِمَا حَمَّلَهُ مِنْ رِسَالَةٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ.

 ليلة الثلاثاء 01 جمادى الآخرة 1443هـ

حفظ   

WordPress Themes