نص المتن :
وَأَمَّا (الْمَتِينُ)؛ فَهُوَ اسْمٌ لَهُ مِنَ الْمَتَانَةِ، وَقَدْ فَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ بِـ: (الشَّدِيدِ).
إثبات صفتي السمع والبصر لله
وَقَوْلُهُ: ﵟ لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ ١١ﵞ [الشورى: 11]
.
وَقَوْلُهُ: ﵟ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِۦٓۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعَۢا بَصِيرٗا ٥٨ ﵞ [النساء: 58]
قَوْلُهُ: ﵟ لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ ١ﵞ [الشورى: 11] إِلَخْ؛ دَلَّ إِثْبَاتُ صِفَتَيِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ لَهُ سُبْحَانَهُ بَعْدَ نَفْيِ الْمِثْلِ عَنْهُ، عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ نَفْيِ الْمِثْلِ نَفْيَ الصِّفَاتِ؛ كَمَا يَدَّعِي ذَلِكَ الْمُعَطِّلَةُ، وَيَحْتَجُّونَ بِهِ بَاطِلًا، بَلِ الْمُرَادُ إِثْبَاتُ الصِّفَاتِ مَعَ نَفْيِ مُمَاثَلَتِهَا لِصِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ.
قَالَ العَلَّامَةُ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (قَوْلُهُ: ﵟ لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ ١ﵞ [الشورى: 11].. إِنَّمَا قَصَدَ بِهِ نَفْيَ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ شَرِيكٌ أَوْ مَعْبُودٌ يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ وَالتَّعْظِيمَ؛ كَمَا يَفْعَلُهُ الْمُشَبِّهُونَ وَالْمُشْرِكُونَ، وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ نَفْيَ صِفَاتِ كَمَالِهِ، وَعُلُوِّهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَتَكَلُّمِهِ بِكُتُبِهِ، وَتَكَلُّمِهِ لِرُسُلِهِ، وَرُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ لَهُ جَهْرَةً بِأَبْصَارِهِمْ كَمَا تَرَى الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ فِي الصَّحْوِ..) اهـ.
وَمَعْنَى السَّمِيعُ: الْمُدْرِكُ لِجَميعِ الْأَصْوَاتِ مَهْمَا خَفَتَتْ، فَهُوَ يَسْمَعُ السِّرَّ وَالنَّجْوَى بِسَمْعٍ هُوَ صِفَةٌ لَا يُمَاثِلُ أَسْمَاعَ خَلْقِهِ.
وَمَعْنَى الْبَصِيرِ: الْمُدْرِكُ لِجَمِيعِ الْمَرْئِيَّاتِ مِنَ الْأَشْخَاصِ وَالْأَلْوَانِ مَهْمَا لَطُفَتْ أَوْ بَعُدَتْ، فَلَا تُؤَثِّرُ عَلَى رُؤْيَتِهِ الْحَوَاجِزُ وَالْأَسْتَارُ، وَهُوَ مِنْ فَعِيلٍ بِمَعْنَى مُفْعِلٍ، وَهُوَ دَالٌّ عَلَى ثُبُوتِ صِفَةِ الْبَصَرِ لَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَلِيقُ بِهِ
ليلة الثلاثاء 13 ربيع الأول 1443 هـ